لا يخفى على أحد في تونس منع الحكومة لكل حزب تفوح منه رائحة الدين من قريب او بعيد بدعوى ان الدولة المعاصرة هي دولة علمانية اوعلى الاقل لا تبنى على اسس دينية ؛ كلام جميل يدل على توجه علماني للدولة التونسية و حرصها على القطع مع الدولة الدينية و ما يمكن ان تشكله من خطر على بنية المجتمع المدني المعاصر؛ و لكننا نلاحظ في المقابل التصاق الدولة بالدين و حرصها على التحكم في المؤسسة الدينية عن طريق وزارة الشؤون الدينية؛ فهي التي تعين أئمة الجوامع؛ سواء ائمة الخمس او ائمة الجمعة؛ و امام الجمعة عادة ما يكون مناصرا للحزب الحاكم؛ و يكفي ان تستمع الى خطبة الجمعة حتى تتبين مدى اختراق الدولة للمؤسسة الدينية؛ مواضيع خطبة الجمعة تملى من طرف الوزارة الى درجة انه بامكانك ان تتوقع الموضوع اذا كان في ذلك الاسبوع عيد وطني او قرارات وزارية جديدة؛ فمن العادي ان تستمع الى انجازات الدولة في مقاومة التصحر و مجهوداتها في توسيع المساحات الخضراء اذا كانت الخطبة تتوافق مع عيد الشجرة؟؟؟؟
و يبدو ان الاتجاه الجديد للحكومة هو اقتحام مجال الاعلام باعطاء رخص لانشاء قنوات و اذاعات دينية و هو ما سيزيد من سيطرة الدولة على المشهد الديني رغم الاستقلالية الزائفة التي تحاول هذه القنوات ان تتسم بها بدعوى انها قنوات خاصة ولا تخضع لسيطرة الدولة. يبدو ان أحد أهم الاسباب التي دفعت الحكومة الى نهج هذا المنهج هو انتشار القنوات الدينية الشرقية التي تروج للفكر السلفي؛ لكن الم يكن من الاجدر انشاء قنوات تشجع على الحوار و تنمي الفكر التقدمي لدى الشاب التونسي و تقدم له بديلا حقيقيا للفكر السلفي المتخلف الذي تسعى القنوات الشرقية الى زرعه في عقول "المؤمنين".
هناك 5 تعليقات:
Bravooooo
من هم الذين "يحدثوننا عن ضرورة فصل الدين عن الدولة فلماذا تصر الدولة على الالتصاق بالدين"
إن كنت تقصد السلطة الحاكمة فهي لم تذكر ذلك قط بل بالعكس فهي تقول أنها حامية للدين ولايمكن لأحد التكلم باسمه غيرها.
@citoyen
بل هم يؤكدون على ذلك كلما برز حزب او حركة سياسية ذو خلفية دينية
@adam
هم لا يؤكدون على فصل الدين عن الدولة بل يؤكدون على أن الدولة هي التي من تحمي الدين وتتكلم باسمه.كملكية الدولة مثلا للجباية فهي الوحيدة المخول لها جمع الضرائب.وللتأكد من ذلك يكفي مراجعة اللوائح التي انبثقت عن مؤتمر التحدي.السلطة ترفض الاحزاب التي لها خلفية دينية انطلاقا من مقاربة خاصة بها للدين ورفضها لاي مقاربة اخرى وليس انطلاقا من مبدإ فصل الدين عن الدولة.ورئيس الدولة في الدولة هو القدوة في الدين والدنيا.فبشكل رسمي وفعلي هناك ازدواجية في علاقة الدين بالدولةوتعلن هذه الدولة وبشكل رسمي اعتناقها لمقاربة محددة للدين ولا تنادي بمبدأ فصل الدين عن الدولة.يعني أن هذه الدولة هي وجه آخر للحركة الإسلامية بتونس التي تقول أن مقاربتها للدين هي المقاربة الوحيدة الصحيحة.فالنزاع قائم بينهما حول من منهما أحق بملكية الدين والتكلم باسمه
@citoyen
كلامك صحيح مائة بالمائة؛ في الواقع انا رميت الى السخرية من الازدواجية المضحكة التي اشرت اليها و لم اقصد المفهوم اللائيكي المعروف بالغرب لفصل الدين عن الدولة؛ ملاحظة قيمة سمحت لي بتوضيح رأي.
تحياتي
إرسال تعليق